هو الشّيخ محمد جواد بن الشيّخ علي بن الشّيخ عبد الرّضا بن الشّيخ جواد الحاج جبر السهلانـي الحِميري النّجفي، ويتّصل نسب الشّيخ السهلانـي ببيت من أشراف السهلانـيين ومشائخهم .
ولد في النّجف الأشرف ـ مهوى القلوب والأفئدة ، وحاضرة الدراسة العلمية ، وجامعة الشيعة الكبرى ـ في محلّة الحويش ، سنة (1330هج/1911م)، في ظل أُسرته العريقة . وشبَّ بين أقرانه وزملائه طالباً عُرف بالجد والمثابرة والحضور عند أفاضل الأساتذة وأعلام الحوزة .
وذاق السهلانـي مرارة اليتم وهو في الخامسة من عمره الشريف ، بعد أن انتقل والده الشيخ علي السهلانـي إلى جوار ربّه سنة (1335 ـ 1916) عن عمر يناهز الأربعين ، وكان والده الشيخ علي قدس سره من أوائل المحصّلين في العلوم الدينية ومن الشخصيات المرموقة .
فتولى رعايته وتوجيهه جدّه العلم المجاهد والحجة المفضال الشيخ عبد الرضا السهلانـي ، والتحق بدراسة العلوم الإسلامية والأدبية في مقتبل العمر حتى توافر على حصيلة مهمة جداً من علوم الدين والعربية عند أساتذة أعلام وأقران مجدين ، فتقدم في دراسته وحاز عصا السبق بين أقرانه مما جعله موضع العناية والرعاية من أساتذته ، وقد درس العلوم الفقهية والأُصولية والحكمة والمنطق والحساب ، ونال الحظ الأوفر في العلوم العربية وآدابها بجد واجتهاد وحافظة واعية تلتهم النصوص الشعرية مع ما توافر له من توجيه أُستاذه الشيخ مهدي الحجار الذي رعاه رعاية أبوية من الناحية الأدبية ، ومال إلى نظم الشعر بتشجيع من المرحوم الشيخ مهدي الحجّار وهو في سنّ السادسة عشرة ، وكان يعرض ما ينظمه على أُستاذه الحجّار فيصلحه له ويهذّبه ، ويذكر فضل أُستاذه في تنمية هذه الموهبة لديه إذ كان يُلزمه بحفظ شعر المتنبي والأرجاني ويمتحنه يومياً ويتابعه لأجل ذلك حتى صلب عوده في مراسه ، وانتظمت القوافي في مراميه ، واستجمع المعاني في مطالبه ، في بيئة جُبلت على حب الشعر ونظمه . وكانت له على حداثة سنّه مشاركات أدبية في مناسبات عديدة .
وبرز مشاركاً في الندوات النجفية التي كانت تعقد في مناسبات أدبية ، فكان له مشاركات ، ومما يؤسف له عدم توافرها بعد مرور حقب عديدة عليها ، فضاعت بين تراكمات الزمان وتشدد الحال .
واشتغل في مجال الدعوة والإرشاد بحماس الشباب وحنكة الشيوخ ، واستطاع أن يبرز في تلك الأوساط كواحد من المصلحين المحترمين ، حتى أنّ أهالي البصرة بعثوا الوفود إلى النجف لاستحصال موافقة المرجع الديني الإمام السيد محسن الحكيم لينضم السهلانـي إلى أُسرة علماء هذه المدينة الكبرى ، فلبّى نداء الواجب وحط رحاله فيها ، وقام فيها بخدمات جليلة ، ومن بوادره الخيّرة التي تعكس ولاءه الصادق لأهل البيت النبوي ـ عليهم السلام ـ تأسيسه لموكب النصر الحسيني الذي كان يؤمّ العتبات المقدسة في المناسبات الدينية ، وكذلك سعيه نحو الوحدة الإسلامية بخطوات عملية ، بإقامته للاحتفالات السنوية بمناسبة استشهاد الإمام علي (عليه السلام) وكان يحاضر فيها نخبة ممتازة من علماء وأُدباء العراق ؛ من الفريقين ، ثم تُجمَع هذه النتاجات ضمن كتاب يصدر سنوياً ويوزّع بالمجان . ولا ننسى مبرّات السهلانـي ومشاركته في مؤسسات الرعاية الخيرية والاجتماعية . ومن آثاره الخالدة تأسيسه المسجد الكبير في محلّة الأصمعي بالبصرة ، والذي يعرف بـ (جامع الشيخ السهلانـي) ويُعد من أكبر مساجد البصرة ، مساحته ثلاثة آلاف متر مربع ، وقد أنشأه سنة ( 1385هج / 1966م ).
وقام السهلانـي بنشاطات واسعة في صدّ الحركة الشيوعية عن تحقيق هدفها ، مما حدا بالسّلطات إلى مضايقته ، فأصدر الحاكم العسكري صالح العبدي أمراً بإبعاده إلى (داقوق) من محافظة (كركوك) ، وفرضت عليه الإقامة الجبريّة هناك . وتدخّلت المرجعيّة للإفراج عنه ، ورجع ولكن إلى كربلاء أخذاً بنصيحة الإمام الحكيم ، وبعد أن خفّت حدّة التّوتّر رجع إلى البصرة مزوداً بكتاب للإمام الحكيم في وجوب مؤازرته ومعاضدته والالتفاف حوله .
أساتذته وزملاؤه وآثاره وبعض ما قيل فيه في التفاصيل.